الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

حمدى أحمد : محمد مرسى لا يدرك أن الشعب المصرى بلغ سن الفطام.. وكبر على البزازة


لفنان حمدى أحمد تجربة ثرية فى عالم السياسة، حيث تولى رئاسة حزب العمل عام 99، واعتزل السياسة بسبب جماعة «الإخوان» التى أرادت التوغل فى الحزب بطريقة تخلو من النزاهة والشفافية.

وللفنان حمدى أحمد أيضاً تراكم معرفى وخبرة كبيرة بحال المجتمع، خصوصاً أنه قدم أعمالاً فنية تنحاز إلى آمال وأحلام الناس وتنتقد الأوضاع السياسية الخاطئة.

لهذه الأسباب قررنا الحوار مع الرجل ليرصد لنا نقاط الخلاف والاتفاق بين ملامح «القاهرة 30» و«القاهرة 2012» التى يتصدر المشهد فيها تيار الإسلام السياسى.

* تمر مصر بمرحلة خطيرة.. تتداخل الأحداث وتتشابك التفاصيل، فكيف تقرأ الواقع السياسى بعد ثورة يناير؟

- نحن نعيش أزهى عصور الديكتاتورية.. فقد عاشرتُ جماعة «الإخوان المسلمين» واشتغلت معهم فى الشارع، وبالتحديد فى منطقة بولاق.. وعاشرتهم أيضاً فى حزب العمل الاشتراكى عام 99، ومن خلال تجربتى معهم أقول إن لديهم ميليشيات تمارس الإرهاب، وإنهم يجيدون لعبة تزوير الانتخابات.. وقد تركت رئاسة حزب العمل بسببهم، ولا أنسى أنهم مارسوا الإرهاب ضدى وقاموا بكسر سيارتى لمجرد خلافى معهم فى الرأى.

* كلامك يؤكد أنك غير متفائل بصعود «الإخوان» على المسرح السياسى؟

- بصراحة شديدة لست متفائلاً.. فلا أعرف دور «الإخوان» فى الحكم، ومن هو المرشد، ومن هو خيرت الشاطر.. الجماعة تريد أن تحكم البلاد بقوانين غير دستورية، والإعلان الدستورى الأخير يكرس لحكم الفرد، ولو سألتنى عن رأيى فى إدارة مرسى، سأقول دون تفكير «سمك، لبن، تمر هندى».

* فى رأيك، ما أزمة الرئيس محمد مرسى الحقيقية؟

- أزمة الرئيس الحقيقية هى رغبته فى الانفراد بالقرار، وأنه لم يتعلم من الدروس الماضية.. ويجب أن يعرف أن الشعب المصرى بلغ سن الفطام وكبر على «البزازة».. والمدهش أن كل خطوات الجماعة تكشفها أمام الشارع الذى بات واعياً ومدركاً لكل صغيرة وكبيرة.. لقد أرادت الجماعة تحصين قرارات الرئيس، فاقترحت عليه التخلص من القضاء، وقاموا بحصار المحكمة الدستورية لمنعها من الانعقاد.. وهذا بالمناسبة تصرف قذر وفضيحة كبيرة أمام العالم.

* هناك مخاوف من تمرير دستور «الإخوان».. ما تعليقك على ذلك؟

- يجب الإشارة إلى شىء مهم، وهو أن ظهور الدستور فى ظل حكم الديكتاتور وحكم الفرد يعد باطلاً.. وبصراحة شديدة أنا لا أضمن نزاهة الاستفتاء فى ظل سيطرة حزب الحرية والعدالة، وفى ظل وجود حكومة هشام قنديل.. فقد زوَّر «الإخوان» أمام عينى انتخابات اللجنة التنفيذية فى حزب «العمل»، واتهمونى وقتها بأننى عميل لأمن الدولة، ولهذا لا أستبعد أن يحدث ذلك مع الدستور.

* هل ترى تشكيل حكومة قنديل قادراً على العبور بمصر إلى بر الأمان؟

- بداية، الجواب كما يقال «بيبان من عنوانه».. مرت فترة طويلة ولم تتخذ حكومة الدكتور هشام قنديل قراراً جيداً أو قراراً يتناسب مع روح الثورة.. ويجب الإشارة إلى شىء مهم، وهو أن الحكومة تنتمى إلى حزب «الحرية والعدالة» ولا أعرف ما الذى استند إليه الرئيس مرسى حتى يسمح بتشكيل الحكومة من الإخوان.. بأى حق ينفرد حزب الحرية والعدالة بالأغلبية.. فليس لدينا مجلس شعب يسيطر عليه حزب الحرية والعدالة، حتى ينفرد بتشكيل الحكومة.

* كيف ترى هجمة «الإخوان» على الإعلاميين.. وما تفسيرك لحصار مدينة الإنتاج الإعلامى؟

- لدينا إعلام جيد وقد ساهم هذا الإعلام فى اشتعال ثورة يناير.. لكن جماعة «الإخوان» والتيار السلفى لا يعرفون طبيعة الخلاف.. ويلجأون إلى التجريح والإرهاب لكل من يختلف معهم.. وحصار مدينة الإنتاج الإعلامى لا يختلف عن حصار المحكمة الدستورية.. أوضاع غريبة نعيشها، ومندهش جداً من سكوت الرئيس على كل هذه التجاوزات.

* ما الفرق من وجهة نظرك بين «القاهرة 30» التى قدمتها على شاشة السينما و«القاهرة 2012» التى نبكى على واقعها الآن؟

- فى أرشيفى الفنى فيلمان أنا فخور بهما لأنهما ينتقدان أوضاعاً سياسية قاسية، الأول هو «الأرض» الذى ضم كوكبة كبيرة من النجوم مثل: «محمود المليجى وعزت العلايلى»، والثانى فيلم «القاهرة 30» أمام الراحلة «سعاد حسنى»، وهذا العمل كان إدانة لحكومة صدقى باشا وفسادها.. الفساد كان موجوداً فى «القاهرة 30» وأتصور أنه ما زال يعشش فى «القاهرة 2012».. والأخطر من الفساد المالى هو الفساد السياسى الذى يدفن الأوطان فى قبور بلا عنوان.

* فى رأيك هل يستطيع الفن التأثير فى الواقع السياسى؟

- الفن يعجز تماماً عن التأثير فى الواقع السياسى، وأكبر دليل على كلامى هو أننا لم نسمع عن مسرحية أو فيلم سينمائى أدى إلى قيام ثورة.. ورغم إيمانى الكامل بأن الفن لا يؤثر فى الواقع السياسى فأقول إن الفن متعة وإنه يساهم فى بناء الفرد ويساعد على تفتيح مداركه.. الفن الجيد الذى يحمل رسائل ذات محتوى وقيماً ينهض بوعى الفرد لكنه لا يُحدث ثورة.

* بماذا تفسر حملات الهجوم المنظمة على الوسط الفنى والتى يقودها أشخاص ينتمون إلى التيار الدينى؟

- لا تندهش من هجوم جماعة الإخوان على الفنانين.. هذه الجماعة تعمل تحت الأرض منذ 40 عاماً، وأمر طبيعى أن يحدث لها ارتباك وتخبط عندما تمارس العمل فى النور.. والشىء المهم هو أن الجماعة تستقى ثقافتها من «سيد قطب» و«ابن تيمية».. وهم لا يعرفون شيئاً عن «تولستوى» أو «راسل» أو «حافظ إبراهيم».. باختصار نحن أمام جماعة ذات أفق ضيق، ومن الصعب عليها أن تفهم أو تستوعب دور الفن فى المجتمع.. إنهم لا يعرفون أن الفن الجيد يعزز القيم والفضائل ويصحح الأوضاع الخاطئة.. الفن ليس حراماً كما يتصورون، لكنهم يجهلون قيمته ويحاولون هدم رموزه.

* سمعنا أن هناك فنانين يفكرون فى الرحيل خوفاً من الإسلاميين.. ما رأيك؟

- كلام فارغ.. الفنانون قادرون على الدفاع عن قضيتهم وسوف ننتصر لأن الناس هى التى تحمى الفن.. نحن نشتغل لإسعاد الناس لذا أنا متفائل.. فالشعب الذى ثار ضد فساد مبارك ونظامه الذى استمر 30 عاماً لن يسمح بسقوط مصر فريسة سهلة فى جراب جماعة «الإخوان».. فمصر ملكنا.. وهذا الوطن سوف يستوعبنا جميعاً.

* هل تمت دعوتك إلى لقاء الرئيس ضمن وفد الفنانين والمثقفين؟

- لا لم تتم دعوتى.. لأن «الإخوان» لا يحبوننى، ولكننى قرأت ما نشر حول ما دار فى هذا اللقاء، ولم أفرح أو أشعر بسعادة، لأن الكلام شىء وما يحدث فى الواقع شىء آخر.. وأكبر دليل على ذلك أن حملات الهجوم على الفنانات لم تتوقف بعد لقاء الرئيس مع الفنانين.. خصوصاً أنه فى هذا اللقاء قال إن نهضة مصر لن تقوم إلا بمشاركة الجميع، وأدان من تعدى على إلهام شاهين.. وكما قلت الكلام حاجة والفعل حاجة تانية.. كما أن الرئيس محمد مرسى تعهد بأشياء كثيرة قبل وبعد توليه منصب الرئيس، 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق