الثلاثاء، 15 يناير 2013

. محمد قال لزميله : مش هيفرقنا إلا الموت و حاتم كان يغنى بحبك يا بلادى .. و أحمد قال لأمه : متخافيش أنا راجع

 سرد المصابون فى حادث قطارى البدرشين، الذ
أدى إلى وفاة 18 شخصا وإصابة 117 آخرين، جميعهم على قوة التجنيد، كواليس اللحظات الأخيرة قبل الحادث والتى لم تخلُ من القصص الإنسانية.



أحد المصابين هو إسماعيل محمد، 20 سنة، قال إنه كان يجلس برفقة زميله "أحمد"، توفى، وكان يحكى عن معاناة والدته بعدما علمت أنه سوف يسافر للتنجيد، وكيف أنها وقفت تودعه قبل السفر، فقال لها "لا تقلقى يا أمى ابنك راجل هيشرفك"، فما كان منها إلا أن احتضنته لمدة طويلة والدموع تنساب من عيونها وتقول: "قلبى واجعنى عليك يا أحمد.. خايفة ما أشوفكش تانى يا ضنايا"، وبالفعل مات "أحمد" وهو فى طريقه لأداء الواجب.



وأوضح محمد السيد، 20 سنة، من سوهاج، أحد الناجين من حادث القطار، أنه كان يجلس برفقة زميله "محمد"، والذى تعرف عليه داخل عربة القطار، وظلا يتحدثان معا قرابة الأربع ساعات، وتمنى "محمد" أن يكونا معًا فى "الخدمة" وألا يترك أحدهما الآخر، لافتا إلى أن "محمد" قال له بالحرف الواحد، فى رحلتهم من الصعيد إلى القاهرة: "لن يفرقنا إلا الموت"، ولم تمر سوى دقائق ووقع الحادث، ليموت "محمد" ويفترق الزميلان بعد قصة صداقة دامت لساعات معدودة.



وأضاف حاتم سيد، 20 سنة، من أسيوط، وأحد الناجين، أنه كان نائما واستيقظ فجأة على صوت الحادث، وحينما نزل من القطار وجد أشلاء ودماء تسيل وصراخًا وعويلا، فراح يتجول بين الضحايا فى محاولة منه لإنقاذ أى شخص، ووقع نظره على شخص يصارع الموت فجرى نحوه وحاول استخراج جسده إلا أن الموت لم يهمله، حيث لفظ الشاب أنفاسه الأخيرة وهو يردد الآيات الأولى من سورة يس.



وتابع إسماعيل محمد، 20 سنة، أحد الناجين المقيمين بسوهاج، أنه قفز من القطار بعد توقفه، وجرى نحو الجثث والمصابين، فسمع صوتًا خافتًا أسفل عجلات القطار، وحينها وجد شابًا يصارع الموت بعد أن دهس القطار نصفه الأسفل، وعندما اقترب منه سمعه ينادى: "طلعنا ربنا يخليك"، فحاول أن يجذبه للخارج، إلا أن حطام القطار كان على نصفه الأسفل فلم يستطع فأسرع نحو سائق "اللودر" وطلب منه رفع حطام القطار، وبالفعل حاول السائق مساعدته، إلا أن جزءا من حطام القطار سقط على رأس الشاب فقضى على حلمه فى الحياة.



وقال ملقى مرزوق، 20 سنة، مقيم بسوهاج، ومصاب بكسور فى اليد وجروح بالوجه، إنه استقل القطار من سوهاج إلى القاهرة، وأثناء سير القطار توقف لمدة ربع ساعة فى المنيا بسبب عطل مفاجئ به، ثم عاد للسير مرة أخرى، مضيفًا أن النوم داعب جفنيه لكنه استيقظ على هزة القطار، ولم يستطع أن يستوعب الموقف، وشعر بأنه ما زال نائما ويعانى من "كوابيس" النوم، وأن الدماء التى شاهدها وصرخات زملائه التى سمعها مجرد أضغاث أحلام.



وأضاف حاتم محمود، 20 سنة، مصاب بكسور بالقدم وجروح بالوجه، أنه ترك أسرته فى سوهاج، وودعته شقيقاته بعدما خرج لأداء الخدمة العسكرية، واستقل القطار الحربى، وجلس فى العربة الأخيرة يتجاذب أطراف الحديث برفقة ثلاثة من زملائه، فلم يشعر بنفسه، وما بين لحظة وأخرى وقع الحادث ووجد نفسه مصابا داخل مستشفى الحوامدية، وسأل عن زملائه الذين كانوا برفقته فوجد أحدهم على السرير المجاور له، وعلم أن الاثنين الآخرين لفظا أنفاسهما الأخيرة قبل أن يكملا الحديث معه.



وأوضح صابر حمدى، 20 سنة، من سوهاج، مصاب بكسر بالقدم وجروح بالوجه، أنه طلب من المجندين القدامى الموجودين بالقطار أن يدخل دورة المياه فرفضوا، وظل ينتظر وينتظر حتى وجد نفسه داخل مستشفى الحوامدية بين مصابى القطار قبل أن يقضى حاجته.



وأشار عبد الرحمن سيد، 20 سنة، مقيم بأسيوط، إلى أنه جلس برفقة مجموعة من زملائه يتحدثون عن الخدمة العسكرية، وكان يغنى "بحبك يا بلادى"، ويتحدث مع زملائه عن رغبته فى تقديم الواجب لبلاده وحماية أرضها، وأنه ترك أهله بأسيوط بعد دعوات من والدته بأن يعود إليها سالما غانما.



وأضاف مصطفى محمد، 20 سنة، مقيم بأسيوط، أنه كان يجلس برفقة أصدقائه يأكلون، وأن بعضهم مات وفى يده الطعام، والبعض الآخر ذهب إلى المستشفى مصابا دون أن يكمل العشاء، فيما أشار مصطفى رمضان، 20 سنة، إلى أنه فقد أحد أصدقائه ويدعى "على" قبل أيام من زواجه من فتاة أحلامه، بعدما تم تأجيل الزواج بسبب التجنيد، وتابع "مصطفى": "كنت فى العربة قبل الأخيرة، وحدث عطل فى محطة المنيا فجاء أحد أصدقائى واسمه "على" للجلوس معى، وكنت أمزح معه بسبب تأجيل زفافه، وقال لى أنه سيقضى مدته الأولى بالتجنيد داخل مركز تدريب مبارك، وبعدها سيعود إلى بلدته بأسيوط لكى يتزوج ويقيم فرحه الذى تم تأجيله بسبب موعد تجنيده"، ويضيف مصطفى، والدموع تنهمر على وجنديه: تركنى على وذهب للجلوس فى مكانه فى آخر عربة بالقطار بعد فحصها فى المنيا، وهى العربة المشئومة التى انفصلت عن القطار، وتسببت فى الحادث، وكنت وقتها مستغرقا فى النوم، واستيقظت على صوت الحادث، وحتى هذه اللحظة لم أجده.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق