الجمعة، 9 نوفمبر 2012

""إلى الغرب من نهر الأردن" تعود مجددا إلى الساحة الأدبية ب " لهيب خان التجار

غزة - موقع حكايات-نهاد الطويل





صدر حديثا للكاتب الفلسطيني الدكتور موسى عليان رواية "لهيب خان التجار" عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في الأردن، وهي الجزء الثاني من ثلاثية "إلى الغرب من نهر الأردن". وتقع في 480 صفحة من القطع المتوسط.



ويؤكد الدكتور موسى عليان صاحب الرواية والمحاضر بكلية الإعلام بجامعة النجاح "أن لهيب خان التجار" تقدمية تحررية انقلابية في المفاهيم والفلسفة، وتتناول بجرأة متناهية ولكن بمنطق، المحظورات الفلسطينية والعربية الثلاث: السياسة والدين والجنس. إنها رواية تقترب من مناجاة روح الفلسطيني الثائر الحالم.



وتؤرخ "لهيب خان التجار" لأحداث الانتفاضة الفلسطينية الثانية، أي من بداية عام 2000 تقريبا حتى وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، وهي تكملة للجزء الأول، الذي صدر قبل أكثر من نصف عام عن نفس الدار وكان بعنوان "كفر عويناس" وتعكس أحداثه وقائع الانتفاضة الفلسطينية الأولى.



وبين دفتي الرواية في الجزء الأول والثاني، حكاية تمتلك جميع عناصر العمل الروائي المتكامل، رواية ذات قدرة واقعية ولكن درامية مميزة، حيث قدمت المجتمع الفلسطيني كما هو ولكن بجرأة ونقد لاذع، فوظيفة الأدب تغيير الواقع والانقلاب عليه وليس تكريسه.



وفي الوقت ذاته، يكثًف الكاتب الأحداث لتتوالى وقائعها بسرعة كبيرة، وكأنها فيلم مثير حبكت أحداثه بمهارة، ولا عجب في ذلك، فخلفية الأديب الأكاديمية هي العالم المرئي- المسموع، حيث درس الإخراج السينمائي والتلفزيوني في اسبانيا، وبذلك فإن القارئ لا يشعر بأي ملل. أما الأسلوب السهل فقد جاء من خلفيته الصحفية، حيث عمل مراسلا صحفيا لعدد من الوكالات العالمية، مما أغنى رؤيته السياسية للقضية الفلسطينية.



ومن جهة أخرى، كثيرة هي الدروس التي نتعلمها من رواية "إلى الغرب من نهر الأردن" خاصة النضال ضد العادات والتقاليد البالية والتي لا يقل قمعها عن قمع الاحتلال، أما الدرس الأكبر والأزقة فهو ضرورة الاهتمام بتفاصيل الحياة اليومية وتوثيقها قدر الإمكان.



 ويرى الناقد علاء أبو ظهير في مقالته النقدية لرواية " إلى الغرب من نهر الأردن" أن ما نحياه اليوم هو أرشيف للغد، وما نعيشه اليوم من بؤس وألم وشقاء، هو مادة خصبة لكتابة التاريخ،  قبل أن يأتي يوم لا نستطيع فيه العودة إلى ذات مكان الحدث ، للبحث عن قصاصة هنا أو أخرى هناك، وهو ما أوجده د. عليان في روايته الثلاثية.



ويتوزع مكان " لهيب خان التجار" على بقع جغرافية عدة : نابلس ورام الله والريف الفلسطيني، ليقدم الكاتب تصورا عن طبيعة الحياة في المدن و الريف الفلسطيني والاختلاف بينهما. أما الشخصيات فإن جزءا كبيرا منها هم الأبطال الذين ظهروا في الجزء الأول " كفرعويناس" .





فهناك قيس الذي أًصبح مسؤلا عن لجنة المصالحة الوطنية، لكنه يعجز عن القيام بالمهام المنوط به، وهو رأب الصدع بين التنظيم والحركة، ولكن رغم ذلك يستمر في النضال.أما أكرم، الذي أصبح أسير مقعده المتحرك بسبب الإصابة التي شلته نصفيا، فإنه يخوض غمار معركة داخلية صعبة جدا بسبب التناقض في سلوكه ومعتقداته.



في حين تنتقل نورا للعيش في رام الله لتجد عالما مختلفا عن قريتها الضيقة في عاداتها وتقاليدها. أما فارس فإنه يعود مثخنا بالجراح بعد 15 عاما من الغربة، ليحاول خلق جيل إعلامي جديد ليصطدم بالعديد من العقبات، إلى غير ذلك من الشخصيات والأحداث التي تضج بها الرواية.



وتضم "لهيب خان التجار" شخصيات جديدة معظمها من الجيل الجديد ذكورا وإناثا، تمثل الواقع دون رتوش أو مجاملات، فيشعر القارئ وكأنهم عينات حقيقية تعكس بأمانة وبصدق ما يعتمل في صدر المجتمع الفلسطيني بمدنه وريفه ومخيماته، وفي نفس الوقت تضعه في قلب الأحداث. وهذه الشخصيات الجديدة تناضل على جبهتين: التحرر من الأفكار والعادات التي تعوق مسيرتهم من جهة، وضد الاحتلال من جهة أخرى .



ومن الشخصيات الجديدة عمر، الذي يخوض تجربة قاسية وفريدة من نوعها، حيث يعيش حياة بدائية جدا في الجبال والكهوف لكونه مطارد من الاحتلال، ولكنه يستطيع التغلب على الصعاب،  ليحيى قصة حب مع مريم التي بدورها كانت تمارس نضالها الفكري ضد العادات والتقاليد من جهة، والاحتلال من ناحية أخرى، لتساند عمر في أصعب المواقف .



    ومن الجانب النسوي أيضا، فقد تمثل هذه المرة بالعديد من الشخصيات، أبرزهن صفية وإيمان...فصفية القادمة من دمشق تخنقها عادات القرية بنفس الطريقة التي تخنقها قوات الاحتلال، في حين تضطر الدكتورة إيمان إلى معالجة جرحى الانتفاضة في ظروف صعبة، إلا إن هم هدى الوحيد هو إنهاء دراستها لتساعد أسرتها.



   أما بالنسبة للغة " لهيب خان التجار" فإنها كالجزء الأول، سهلة وبسيطة وقريبة إلى الأسلوب الصحفي، إلا أنها في الوقت ذاته عميقة في أفكارها ومعانيها، وتمتاز بإيقاع سريع لتشبه إلى حد كبير الحبكة والسرد السينمائي، بل إن أمكانية تحويلها من عمل أدبي إلى سيناريو سينمائي سهل جدا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق